2014/01/13

بيان الجهات الداعمة لوثيقة دستور العمران بشأن الدستور المقترح 2014 – مواد حقوق العمران والأرض والسكن

مشروع إبنى بيتك بمدينة 6 أكتوبر | وزارة الإسكان الظل
في ضوء متابعة مجموعة وثيقة دستور العمران باهتمام، لمناقشات وتصريحات لأعضاء لجنة الخمسين بشأن مواد مشروع دستور 2014، وفي ضوء مراجعة وتقييم المجموعة لتلك النصوص بشكل مفصل، فيما يخص المواد المتعلقة بالحق في السكن، والحق في الحيازة الآمنة، والتنمية العمرانية، ورفع مستوى المعيشة. تعرب المجموعة عن أن الدستور الجديد على الرغم من أنه نص صراحة على بعض من تلك الحقوق، إلا أنها لم تصغ وفقاً للمعايير الحقيقية التي تعالج مشكلات السكن والعمران التي يواجها المجتمع المصري، وتفتقر إلى الضمانة الكاملة في إمكانية تحقيق تلك الحقوق بشكل عادل وملزم.



فمن المواد الهامة التي كان يجب تناولها بشكل دقيق ومفصل المادة (35)، والتي تتناول حماية الملكية وعدم نزعها إلا في حالة للمنفعة العامة، حيث ترك نص الدستور حالات نزع الملكية للقانون ولم يحددها أو يضعها في نطاق ضيق، ولم ينص أيضاً على أن نزع الملكية يجب أن يتم بحكم قضائي بات، ضمانا لتحقيق سبل الإنصاف لمن يتعرضون لنزع الملكية، خاصة وأن الدولة وطابعها المركزي هي دائما ما تكون الطرف الأقوى في مواجهة الفرد.

وعلى الرغم من أن المادة (63)، والتي تندرج تحت ضمان الحيازة الآمنة قد نصت صراحة على حظر “التهجير القسري التعسفي”، إلا أن ذلك المصطلح يختلف تماما عن المصطلح الأشمل منه وهو “الإخلاء القسري”، وهو ما يجب النص عليه، لأنه بذلك قد أخرج حالات كثيرة لا تندرج تحت مفهوم التهجير. فمن الممكن وفقاً لهذا النص إخلاء المواطنين قسرياً من منازلهم دون نقلهم من مناطقهم، وهو ما يقع تحت نطاق التهجير. فالإخلاء القسري – وليس التهجير – هو المحظور وفقاً للمواثيق الحقوقية الدولية، مما يضع قيدا على نطاق حماية هذا الحق، خاصة في ظل الممارسات المعروفة في تعامل الدولة مع المناطق غير الرسمية والأحياء الفقيرة. كما أن استخدام النص لكلمة “التعسفي”، وهو تعبير فضفاض، يجعل من الصعب على المتضررين من التهجير إثبات شرط التعسف في عملية التهجير وكان من الأفضل تحديد تلك المادة بشرط القسر فقط.

والمادة (78) من الدستور المقترح، والتي نصت على الحق في المسكن الملائم للمواطنين بما يحقق العدالة الاجتماعية، استخدمت تعبير “تكفل الدولة” والذي يفتقر للالتزام القانوني الواقع على الدولة. خاصة أن هناك مواد أخرى بنفس الدستور مثل المواد المتعلقة بالصحة والتعليم نصت صراحة على “التزام” الدولة تجاه تلك الحقوق، وليس كفالتها لها. فالحق في المسكن الملائم من الحقوق الأساسية للإنسان، وعلى الدولة أن تعترف وتحمي وتعمل على إنفاذ ذلك الحق وهو ما لم تضمنه تلك المادة. فضلا عن أن تجارب أوضاع السكن في مصر وعلاقة الفرد بالدولة فيما يخص إنفاذ تلك الحقوق، تجعلنا أكثر ميلاً إلى تفصيل جوانب هذه الحقوق وفقاً للمعايير الدولية المتوافق عليها، وتضمين هذه الجوانب صراحة في نصوص الدستور، كما تم تعريفها في وثيقة دستور العمران.

كما تعاني المادة (78) أيضاً من التباس في مفهوم “العشوائيات”، وهو مصطلح لا يرد في أي من التشريعات المصرية ولا يوجد له تعريف واضح حتى يمكن التعامل معه – في وقت ينأى مسئولو الدولة عن ترديده لما يحمله من معانٍ سلبية. كما لا يوضح مصطلح “إعادة التخطيط” ما إذا كان سيصاحب هذه ذلك عمليات إزالة وإخلاء للسكان أم لا، وكان من الأفضل استخدام مصطلحات مثل “التطوير والتنمية”. وكان من المهم أيضاً أن تعترف هذه المادة بجهود المواطنين لتنمية مناطق العمران “غير الرسمي”، والتعامل معها من منطلق اجتماعي لأنها نتاج مجهود ذاتي لفئات مستضعفة، تنامى بسبب غياب دور الدولة وتقصيرها في التزامها بتوفير مقومات الحياة الأساسية لهؤلاء المواطنين.

وتوجد بالدستور المقترح العديد من النصوص الأخرى الإيجابية، والمتصلة اتصالاً مباشراً بالتنمية العمرانية مثل المادة (29)، والتي تنص على التزام الدولة بتنمية الريف ورفع مستوى معيشة سكانه، و المادة (236) التي تنص على وضع وتنفيذ خطة للتنمية الاقتصادية والعمرانية الشاملة للمناطق الحدودية والمحرومة. هذا بالإضافة إلى نصوص غير مباشرة مثل الحق في مياه شرب نظيفة (المادة 79) و”حماية نهر النيل… وعدم إهدار مياهه وتلويثها” (المادة 44).

من الملاحظات الهامة أيضاً، إلغاء الدستور الجديد لمبدأ هام ترسخ في كافة الدساتير المصرية لستة عقود منذ دستور 1954 وحتى دستور 2012، وهو مبدأ “الوظيفة الاجتماعية للملكية”. يساهم هذا المبدأ بصورة فاعلة – حال إنفاذه – في كبح جماح العديد من الظواهر التي أثرت على عمراننا بالسلب لسنوات عديدة، كما يحدد وينظم الملكية العقارية الخاصة في إطار يحفظ العدالة الاجتماعية والمصلحة العامة. يتصدى هذا المبدأ لظواهر هامة مثل “تسقيع” الأراضي والمتاجرة بها، أو غلق ما يقرب من 30% من الوحدات السكنية بمدننا الكبرى دون استخدام برغم حاجة المواطنين الماسة لها، أو هدم المباني التراثية أو التي تشكل قيمة نفعية واجتماعية للمواطنين دون اكتراث لقيمة هذه المباني للمجتمع ككل. يشعرنا إلغاء هذا المبدأ الهام بقلق بالغ، خاصة مع تبني الدولة سياسات الخصخصة وتأثيرها على الحقوق الجماعية في حياة ملائمة ومناسبة.

وبناء على كل ما سبق، تعرب المجموعة على أنه بالرغم من النص صراحة على بعض الحقوق الاقتصادية والاجتماعية فيما يتعلق بالحق في الأرض والسكن والعمران ككل، إلا أن صياغة تلك الحقوق والانتقاص من بعض معاييرها يوضح أن هناك الكثير من الجهود التي يجب على المجتمع القيام بها في مراقبة ورصد مدي إمكانية تحقيق تلك الحقوق على الأرض. فعلينا جميعاً أن نسعى نحو تعديل وتطوير هذه المواد حتى تصبح فعالة وحقيقية، سواء في صورة القوانين أو اللوائح المنظمة للعمران بشكل يضمن تعزيز وحماية تلك الحقوق.

الجهات الداعمة لوثيقة دستور العمران
 


No comments:

Post a Comment

شارك برأيك