تحليل نقدى لجلسة التشاور المجتمعى لمشروع تطوير المطرية

ملصق لجلسة التشاور | دينا خليل

*كتبته دينا خليل لوزارة الإسكان الظل 

 

عقدت جلسة تشاورمجتمعي  مع أهالى حى المطرية بالقاهرة  يوم الأربعاء الماضى، ٥ مارس ٢٠١٤، بهدف عرض ومناقشة مشروع تطوير المطرية مع أهالي الحى. الجلسة كانت جزء من دراسة “تقييم الأثر الإجتماعي والإقتصادي للرؤية الإستراتيجية للتنمية العمرانية للقاهرة الكبرى” ونسقها كلاً من منظمة الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (UN-Habitat) والإستشارى EDG بالإشتراك مع هيئة التخطيط العمرانى بوزارة الإسكان، وحى المطرية بمحافظة القاهرة، وقاما بعرض المشروع د. أحمد منير سليمان “خبير التخطيط العمراني” و د. مصطفى صبري “خبير الطرق”.

فمشروع "الرؤية الإستراتيجية للتنمية العمرانية للقاهرة الكبرى" ما هو إلا مشروع لمخطط شامل للعاصمة، ويأتى على أعقاب سلسلة من المخططات الإستراتيجية للعاصمة، بدأت منذ ستينيات القرن الماضى، وكان آخرها مخطط القاهرة 2050، والذى أثار جدل بين قطاع واسع من المواطنين لآليته غير الشفافة في تسليع أراضى العاصمة وخططه لتهجير نحو 2.5 مليون من سكان القاهرة الكبرى قسريا، لتتم "خلخلة" المدينة، وخفض كثافتها بمزاعم التنمية العمرانية.

فما يلى هو رصد تحليلى لعملية التشاور التى تمت مع أهالى حى المطرية، للتوصل إلى إذ كانت هذه الآلية حقا آلية تشاركية تسمح لأهالى العاصمة بالإشتراك في صناعة القرارات الخاصة بمدينتهم، وضمان مصلحتهم، أم أن هذه العملية لم تقم بدورها وعلى المسئولين إعادة النظر فيها.

 

ملخص الجلسة

• بدأت الجلسة بعرض لمدة نصف ساعة عن مشروع تطوير المطرية ، وشرحه بأنه جزء من الرؤية الإستراتيجية للتنمية العمرانية للقاهرة الكبرى. أشار الشرح إلى أن تطوير حى المطرية من ضمن ٥ مشروعات واخدة أولوية في خطة المحافظة و هاتركز على ٣ محاور هما: ١) تطوير العمران والعشوائيات، ٢) تحسين البنية التحتية (خصوصاً الطرق)، و ٣) تنشيط الإقتصاد المحلي
• بالنسبة لتخطيط المشروع، د.أحمد شرح للحضور إن تخطيط المشروع كله كان بالتشاركية، لكن لما جيه يشرح هو قصده إيه بتشاركية قال :١) إن  الموظفين الشباب في الهيئة إشتركوا في المشروع مش الكبار بس، ٢) إنهم عملوا لقاءات كتير مع المسئولين المحليين، ٣) إنهم زاروا المنطقة كذا مرة.

شرح مشاريع البنية التحتية والطرق

• د. أحمد شرح أن المشروع يشمل تطوير لميدان المطرية وده هايشمل وضع كاميرات مراقبة في الميدان، وهما بالفعل اختاروا الشركة إللي هاتنفذ الجزء ده من المشروع. الجزء التاني يشمل تطوير بعض الشوارع الرئيسية، زي محور بور سعيد، و فتح طريق جديد عند ترعة التوفيقية، وهو محور مؤسسة الزكاة ويضم كوبرى يعبر فوق خط المترو (يذكر أنه تم تهجير مجتمعان قسريا كانا يعترضان الطريق، آخرهم كان عشش التوفيقية من عدة أسابيع). تم الشرح أن الطريق ده هايكون مدخل جديد للمطرية فيخفف الزحمة عن المداخل الأخرى. وركز الشرح أن المدخل الجديد هايساعد على الوصول للمطرية لأن حالياً كل الرحلات (لزيارة المنطقة الأثرية) بتيجى من شارع ابن الحكم. 
• شرح لنا د. أحمد أيضَا أن مشروع تطوير المطرية هايشمل إزالة الإشغالات والباعة الجائلين والمكروباصات والتكاتك المعطلة للطريق و محاولة إيجاد أماكن بديلة ليهم.
• بالنسبة للصرف الصحى والزبالة، لم يضم العرض أية تفاصيل عنهما، ولكن خلال المناقشة التى أعقبت العرض، أشار د.أحمد إن في خطة لتطوير شبكة الصرف وحل لمشكلة الزبالة ولكن دون أية تفاصيل.
• تمت الإشارة أيضاً إلى ضرورة توسيع الشوارع في عزبة الليمون و صعوبة ده عشان “عشوائية البناء” و إنهم بيبحثوا حلول مع المحافظة و بردو مادخلوش في التفاصيل

شرح أبعاد التطوير العمرانى والعشوائيات

• تم التركيز على منطقة عزبة الليمون بحى المطرية بس ماكانش في عدد كبير من العزبة حاضرين (من ١-٣) وكلهم رجالة. اتقال في العرض إن علشان يدخلوا غاز طبيعي في العزبة لازم البيوت تترمم يعني لازم السكان يتنقلوا. في أرض فاضية ملك للدولة عند ترعة التوفيقية خصصوا جزء منها لعمل مساكن بديلة بس ماكانش واضح دي هاتبقى مساكن مؤقتة لحد مايرجعوا الناس مساكنهم الأصلية، ولا مساكن دائمة ولو دائمة إيه نوع العقود إللي هايدوها للناس إيجار ولا تمليك ولو إيجار هايحددوا السعر إزاي لإن لو تركوها لسعر السوق بالطبع ممكن مايقدروش يتحملوها ويرجعوا تاني يدوروا على مساكن غير رسمية. 
• لما اتسأل في إحدى المداخلات لو في حد من عزبة الليمون حاضر يقول رأيه في موضوع الإخلاء ده واحد بس إللي رفع إيده و علق على ضيق الشوارع (١ - ١،٥ متر و أعرض شارع ٥ متر) وعلى  صعوبة وصول الإسعاف للعزبة و على إن الغرفة الواحدة ممكن يبقى فيها ٧ أنفار. ماجابش سيرة الإخلاء.
• لما سألت على مشاركة أهل العزبة في الموضوع وهل هانشوف مهزلة إخلاء عشش التوفيقية بعزبة النخل مرة تانية، الرد كان إنهم عملوا دراسة إقتصادية كاملة عن كام وحدة لازم تتهد ومحتاجين كام وحدة سكنية بديلة ومحتاجين ميزانية أد إيه وقدموا إقتراحات للحي والمحافظة إنهم يعملوا لجنة تعويضات تشوف هاتعوض الناس عن مساكنهم بفلوس ولا بيوت بديلة وأكدوا إن مش هانشوف إخلاء قسري. واضح إن الجزئية دي مش مضمونة كويس في خطة المشروع ومتروكة للهيئات التنفيذية لأن في تفاصيل كتير خاصة بعملية الإخلاء والتطوير ماجابوش سيرتها.
• مع إن المطرية فيها ٧ مناطق عشوائية حسب تقرير مركز دعم اتخاذ القرار ل٢٠٠٨، وفيها منطقة غير آمنة، وهي عشش عرب الحصن حسب تقرير صندوق تطوير العشوائيات ل٢٠١٣، العرض ماتكلمش غير عن عزبة الليمون.

شرح تنشيط الإقتصاد المحلى

• تم شرح خطط لتنشيط الإقتصاد بالحى مبنية على تنشيط السياحة في الأماكن الأثرية زي المسلة وشجرة مريم.
• كما تم شرح تطوير سوق سميكة، ومحاولة ضم الباعة الجائلين له أو يدوهم قروض صغيرة لفتح محلات

تعليقات الأهالى أثناء النقاش

كان في نقاش مفتوح مع الحاضرين لمدة ساعة والنقاط التالية هي موجز لتعليقاتي على الجلسة:

• مداخلات الحاضرين في النقاش المفتوح كان فيها أسئلة كتير لتوضيح أجزاء من المشروع، و اقتراحات لحلول أخرى لحل الأزمة المرورية. مثلاً اتنين من الحاضرين علقوا على إن الحي بيدي تراخيص لمباني من غير ماتكون موفرة جراج لركن العربيات مع إن ده المفروض شرط للحصول على ترخيص، رئيس الحي كان قاعد ساعتها بس ماردش. 
• كان في مداخلات كتير ليها علاقة بمشاكل تانية في المنطقة الغير واردة في المشروع زي الصحة والتعليم والأمن و تم الرد عليهم إن المشروع مختص بالتنمية العمرانية.
• واحد من أهالي المطرية علق على إن العرض قال إن المشروع هايخلق فرص شغل كتير أثناء التنفيذ، و كان تعليقه إن أي شركة هايتعاقدوا معاها هاتجيب معاها العمالة بتاعتها من برة مش شرط من المنطقة، فهل هايكتبوا في العقد إن العمالة تكون من المطرية؟ لم يتم الرد على النقطة دي.
• في العرض اتقال إن في ٥٤ فدان في المطرية ملك لوزارة الأوقاف و قيمتها فوق المليار جنيه، و إن المشروع ناوي يستخدم الأرض دي لعمل خدمات و مساحات خضراء، أحد الحاضرين سأل لو الأرض قيمتها عالية كده وزارة الأوقاف هاتديها للمشروع ليه؟ هل وافقوا على ده خلاص؟ ماردوش على السؤال
• لما أحد الحاضرين سأل ميزانية المشروع كام ماردوش على السؤال
• عدد كبير من الحاضرين اشترك في النقاش المفتوح و د.أحمد كذا مرة في وسط النقاش شجع الناس إنها تقول رأيها بالذات لو عندها نقد للمشروع وشجع الستات بصفة خاصة. 
• واحد من الحاضرين (كان ممثل لجمعية أهلية) علق إن اللغة و الأفكار صعبة شوية على الناس و إن الأحسن تقسيم المشروع إلى مراحل و كل مايخلصوا مرحلة يعملوا جلسة تقييم مع الأهالي و نقاش عن المرحلة إللي بعديها
• اتكلموا في العرض عن إيجابيات و سلبيات المشروع و السلبيات إللي رصدوها هي: تأثير سلبي على الباعة الجائلين وسائقي الميكروباسات و التكاتك، سلبيات ليها علاقة بفترة التنفيذ زي زيادة مؤقتة في الزحمة و الدوشة والتراب، اختفاء بعض المهن التقليدية، تأثير سلبي على بعض المحلات الصغيرة لو محلات كبيرة دخلت المنطقة، ارتفاع في أسعار الأرض و بالتالي الإيجارات، إرتفاع أسعار السلع في المنطقة بصفة عامة
• لم يتم عرض حلول للسلبيات دي بإستثناء موضوع الباعة اجائلين
• د.مصطفى ذكر في العرض إنه مايقدرش يوعدهم إنهم هايوصلوا لأحسن مستوى و إلا يبقى مش صادق و لكن الهدف هو تحسين الخدمة

إنعقدت الجلسة بصوان مناسبات بنادى المطرية | دينا خليل

تقييم البعد التشاركىي

• أول مشكلة كانت أن الجلسة التشاورية عمل إستثنائى وإختيارى، والدليل أن بحى المطرية نفسه، تمت عملية إخلاء وتهجير قسري لمجتمع بها، ولكن خلال عدة أسابيع عقدت جلسة تشاور مجتمعي. فالإطار القانونى للمشاركة الديمقراطية في عملية إدارة العمران وتخطيطه غائب، فالمجالس المحلية الشعبية مع كل عيوبها من انتقاص في الصلاحيات، غائبة منذ حلها في منتصف عام 2011 (حيثيات حكم الحل).  فمن غير الواضح على أى أساس يتم وضع مخططات على مستوى الأحياء في غياب الآلية القانونية للمراقبة على المخططات ومشاركة المواطنين فيها (خاصة المادة 12 من قانون 43 الإدارة المحلية رقم لسنة 1979).
• المشكلة الثانية هى أن الجلسة التشاورية مايتقالش عليها “عامة” لإن الحضور كان فقط بالدعوة ولم يتم شرح كيفية إختيار من تم دعوته للورشة، فكانت هناك كراس كثيرة خالية، فواضح أن التخوف من الأعداد لم يكن سبب كاف لتحديد الحضور. فالـ 85 شخص الحاضرين لا يمثلون بأى طريقة أهالى حى يسكنه مئآت الآلاف.
• بالإضافة لأهل المطرية كان هناك ممثلين عن منظمات مجتمع مدني أو جمعيات محلية، حوالي ٤ جمعيات، وواحد من الحاضرين قال إن المطرية فيها ٢٣٨ منظمة بس مش كلهم فعالين زي بعض و ده يطرح سؤال عن إزاي تم إختيار المنظمات
• المشكلة الثالثة كانت موعد الجلسة. فإختيار يوم عمل، مثل الأربع، وأثناء ساعات العمل،  بين الساعة ١١ الصبح حتى 1:30 بعد الظهر، أكيد ده ساهم في إن ناس كتير ما قدرتش تسيب شغلها وتيجى، خاصة أن هناك ناس كثير لا تعمل في وظائف حكومية أو لها راتب ثابت، ويعتمد رزقها عى العمل اليومى.
• المشكلة الرابعة كانت أن غالبية الحاضرين كانوا رجالة، مما همش وجهات نظر الستات والشباب.
• المشكلة الخامسة أن أثناء النقاش مع الأهالى في أسئلة كتيرماتردش عليها أو إترد عليها بردود مالهاش علاقة بالسؤال، فيبدو أن منسقى التشاور ما كانوش جاهزين بصفة كافية للتشاور مع الأهالى
• من الإيجابيات كان حضور رئيس حي المطرية المهندس أحمد فوزي وممثلين المحافظة بس ماتدخلوش كتير، وكان في ممثلين لهيئة التخطيط العمراني. 
• النقطة الايجابية الاخرى كانت أن الموقع كان كويس لأن النادي معروف جداً في المطرية و جنبه محطة المترو وموقف ميكروباسات
• الايجابية الثالثة كانت أن عرض المشروع كان شامل لنقاط كتيرة والعرض ذكر السلبيات المتوقعة نتيجة للمشروع

توصيات

مع الاشادة بأن أي مجهود لطرح درجة من التفاصيل عن المخططات العمرانية على المجتمع قبل البدء في تنفيذها هو في حد ذاته خطوة الى الأمام عن ما كان يحدث من قبل، ولكن لتكن هذه الخطوة جادة ولها أكبر إفادة لابد أن تتبع التشاورات معايير تضمن المشاركة الفعالة للمجتمع الذى تتم هذه المخططات من أجله، وهو ما لم يكن متوفر في جلسة حى المطرية، ولكن الفرص المستقبلية كثيرة فوضع مخطط لمدينة بحجم القاهرة الكبرى سيأخذ بعض الوقت والكثير من المجهود. وهذه بعض التوصيات:

• لابد من توضيح وزارة التنمية المحلية لما هو إطار العمل القانوني لوضع مخططات التنمية العمرانية في غياب المجالس المحلية الشعبية، وعلى الجهات المعنية كهيئة التخطيط العمراني ومنظمة الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية إتباع هذا الإطار القانوني، أو إيضاح أن هذه الجلسات التشاورية مجرد جلسات مكملة لجمع معلومات، وليس تشاور على مخطط.
•   في حالة أن هذه الجلسات مجرد جلسات "جس نبض"، فتحديد الحضور بدعاوى شخصية له معنى، خاصة إن تم عمل جلسات متخصصة لأصحاب المصالح المختلفة مثل الجمعيات، والنساء، والشباب، وأصحاب العمل، إلخ... ولكن في حالة أن هذه جلسات من ضمن تشاور مجتمعي عام، فلابد أن تكون مفتوحة، كما يمكن عقد أكثر من جلسة في الحى الواحد لتجنب الزحام.
•  لابد أن تكون جلسات التشاور خارج أيام العمل، أو إن كانت لابد أن تكون في سياق أيام العمل، أن تكون خارج ساعات العمل، مع مراعاة أصحاب العمل غير الرمي خاصة في الجلسات المتخصصة.
• لابد من عمل جلسات متخصصة لأصحاب المصالح المختلفة من والنساء، والشباب، وأصحاب العمل، إلخ... لضمان مشاركة فعالة من الكل المعني. 
•  لابد من التجهيز بطريقة كافية لجلسات التشاور والرد على جميع الأسئلة، وفى حالة عدم الاجابة، يتم شرح سبب عدم الاجابة.